الاثنين، 17 أغسطس 2009

الهروب من المواقف السلبية إلى متى ؟


احيانا اشعر اننى اتهرب من الكتابة عن المواقف و الاحداث السلبية التى امر بها فى حياتى .... فكما لاحظتم أن جميع المقالات فى هذه المدونة تتمتع بنظرة تفاؤلية - و إن ظن البعض أنها أشياء لا يمكن أن تكون كذلك - فعندما تحدثت عن التجنيد و عن كلية الضباط الاحتياط و غيرها كنت أرى الأشياء بنظرة ايجابية و لعل ذلك نابع من أنني من هول ما استنكر المواقف السلبية فإننى أحاول أن أوهم نفسى بأنها غير موجودة و أحاول جاهدا أن أتجاهلها أو قل اننى أحاول أن انظر إلى الجانب الايجابي فيها ...

و هذه بدعة قديمة حديثة فكثير من الأحداث التاريخية الكبيرة لم يذكرها التاريخ بالتفصيل و عزف المؤرخون عن الحديث عنا لما رأو فيها من أشياء لم يستطع العقل و القلب تحملها من هولها و بشاعتها ...

فنرى شخص عظيم قد توفى و لم يذكر احد عن سبب الوفاة أو كيف و لماذا و أين و ربما يكتب كاتب عن الحدث بعد حدوثه باعوام كثيرة و أعمار مديدة ذلك انه لم يستطع ان يكتب أن شخص عزيز على قلبه قد مات و إن كتب فهو يوجز للغاية كأنما يكتب لا بقلم و لكن بقطعة من الجمر .....

و تذكرت ابن الأثير فى كتابة الموسوعة " الكامل في التاريخ " و هو يتحدث عن وقائع و أحداث فعلها التتار - المغول – في امة الإسلام , فالجميع يسمع عما كان يفعله هؤلاء الوحوش بالبشر حتى ان الرجل كان يسمع أنهم على بعد مئات الأميال من بلدته فيخر صريعا من الفزع و الرعب .... و كانت البلدان تسقط فى ايديهم دون قتال لانهم فى الواقع قد انتصروا مسبقا لا بالسيف بل بالرعب . يقول ابن الأثير :

" لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها ، كارها لذكرها ، فأنا أقدم إليه رجلا وأؤخر أخرى ، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين ؟ ومن الذي يهون عليه " .

المقولة السابقة تعبر عن حالتى تماما و لو كتبت فيها ما قدر الله لى ان اكتب لما عبرت عنها كما عبر ابن الأثير ....

و إذا كان هذا هو الحال مع أحداث تاريخية عظام فما بالكم بأحداث شخصية أو محلية قد يراها البعض تافهة أو غير مؤثرة فكان الأولى بي ألا اكتب عنها ....

قد يرى البعض اننى شخص متفائل و قد يرى البعض اننى ادفن رأسى فى الرمال خوفا من مواجة الكوارث و لكننى اعتقد اننى بين ذلك و تلك ...

فأنا حين اتحدث عن مواقف ايجابية فإننى اذكر الحقيقة ولا أبالغ او أزيد من الواقع و حين اتجاهل الاشياء المؤلمة فإننى من ناحية أرى ان ذكرها لن يغير من الامر شيئا , على الاقل على المدى القريب , و من ناحية أخرى فاننى أحاول أن امحوها من ذاكرتي لأنها ما دامت فى ذاكرتى المكتوبة فإنها ستظل تؤرقنى طوال حياتى و من ناحية اخرى فان ذكرها قد يعرضنى للخطر حيث ان الاشخاص و الاحداث التى اتحدث عنها ما تزال موجودة و جارية و خصوصا فى هذه الفترة من حياتى ' فترة التجنيد ' .....

من يعلم ربما اكتبها فى فترة لاحقة لان محبوبتى تلح علي كى اكتب عنها و مازال الحوار و النقاش دائر بيننا .

و اعتقد انها ستفوز فى النهاية فلها أسلحة و حجج قوية دائما و فى اغلب النقاشات تتغلب علي فى النهاية ...

فيكفيها انها تملك قلبى و عقلى و لسانى و يداى و ... فأنا اسمع لها لو تواضعت و أرضخ لها لو تجبرت و أتبسم لها لو تناقشت و أعجب بها لو تكبرت ...

إن الحرب النقاشية لو اندلعت بيننا ستكون اشبه بمن يملك عود ثقاب و من يملك مدرعات و مدفعية و ربما قتابل نووية ...

و ان كانت تملك كل تلك الترسانة العسكرية فهى احيانا تفشل لا لضعف اسلحتها و لكن لضآلة خصمها كمن يريد ان يهاجم عصفورا باستخدام دبابة او من يريد ان يدمر كوخا باستخدام صاروخ كلفته اغلى من ناطحة سحاب ...

كما انها لا تستطيع ان تؤذينى دون ان تتاذى هى ايضا فنحن فى النهاية احباب لا يمكن ان يحيا احدنا دون الاخر .

و لانها تدرك ذلك فعندها سلاح سرى لا تستخدمه الا الى فشلت محادثات السلام و فشلت المؤتمرات و المفاوضات فى التاثير على افكارى و جوارحى .... إنه قنبلة مصنوعة من الرومانسية و الحب تقذفها على قلبى فارضخ لها فى الحال .... و للعلم أنا لم أطور سلاحا مضادا لهذه القنبلة الى الان .

و لذلك فلا تعجلوا فان ما كنت اترفع ان اكتب عنه ربما اكتبه قريبا و لكننى احب ان اعيش حالة الحرب حتى اشعر بقيمة السلام ....

اما عن السؤال المطروح فى البداية " إلى متى " فلا علم لى بجوابه حتى الان و لكنى اعتقد ان الهروب ل يطول كثيرا .......




3 التعليقات:

أحمد عطاالله يقول...

أخي الكريم ياسر تلك التدوينة أشعر من ورائها بمرارة ، حتى لكأني أشعر أن بين تلك الكلمات المكتوبة كلمات نسيت أن تكتبها .
لكني واثق من روحك المتفائلة و التي يمكن أن تتحول من المواقف الصعاب إلى مكاسب و مغانم .

http://abebedorespgondufo.blogs.sapo.pt/ يقول...

Good Blog.

eng. Hasan يقول...

انا أعرف إن معظم المهندسين قلبهم رهيف زى حالاتى :))
لكن ماكنتش أعرف إنهم حساسين للدرجة دي
ما شاء الله عليك يا مهندس

لكن رغم كل الكلام الصافي ده ... أنا حاسس إن محبوبتك دى مش من لحم و دم ... أكيد ممكن تكون (الحقيقة) أو (ذاتك) اللى مش سايباك فى حالك ... صح ؟؟؟

إرسال تعليق