عندما كنت صغيراً فى المدرسة الابتدائية كان لنا مدرس الجميع يخافه بل مجرد ذكر اسمه لنا يشعرنا بالرعب كان كابوساً بالنسبة لنا , لم يكن يعاقبنا بل كان يعذبنا تعذيباً لا يتحمله الكبار , كنت والحمد لله متفوقاً فى دراستى ولم يكن من المحتمل ان اقع تحت يديه العارتين ولكنى كنت خائفاً بالرغم من ذلك ,
مرت الأيام وعقد ما يسمى باجتماع مجلس الآباء وقد أختير والدى رئيساً له فسألنى أبى هل هناك اى مشاكل تستحق ان نتحدث عنها , وعلى الفور اخبرته عن المعاملة السيئة التى يعامل بها هذا الوغد الأطفال ….
وبالفعل أثير الموضوع وكنت اول من رفض الاستسلام والخضوع لهذا التعذيب الشنيع والغريب ان سؤال سُأل لى كان :
هل تعرضت للضرب من ذلك الأستاذ من قبل ؟؟ كانت الإجابة هى “ لا ”
هل تعرضت للإهانة بأى طريقة من الطرق منه ؟ وكانت نفس الإجابة السابقة ,وعلى الفور قفز ناظر المدرسة وانتفض واقفاً وقال “ ما دمت لم تتعرض للأذى منه فما هو دافعك لتقول ما قلت عنه ” , أجبت انه يضرب بعنف وينظر بعنف ويتكلم بعنف والجميع يخاف منه وانا اشتكى لسببين : الاول اننى اشتكى من الخوف وليس الضرب فقط , والثانى ان أصدقائى يضربون وهم أصدقائى فى النهاية …
بالطبع كما يحدث فى دولنا العربية اكتفى الجميع بتوجيه اللوم لهذا المدرس ومر الموضوع وعاد كما كان يفعل تماماً من اليوم الثانى ولكنه كان يتعمد ان يسألنى كثيراً حتى أخطأ وتسنح له الفرصة للنيل منى ,
هل تعرفون ان هذا كان فى صالحى !!! كنت اذاكر كثيراً بل وأحضر الدرس القادم كى اكون مستعداً له ..
ومرت الايام وفى المرحلة الإعدادية وجدت نفس النموذج ولكننى كنت أعقل من ذى قبل وواجهت الموقف بكثير من الحزم ورباطة الجأش وقوة الأعصاب ثم فى المرحلة الثانوية توقعت ان ارى نفس الموقف ولكنه كان أقل فى كل شئ , أقل عنفاً أقل إرهاباً وليس هذا رحمة منه ولكنه يخاف من هؤلاء المراهقين ان يدافعو عن أنفسهم وتحدث المواجهة وبالتأكيد سيكون هو الخاسر وقد كان احد المدرسين يسمينى المعارض لاأننى دائماً ما اتحدث عن الحقوق وأطالب بها …
المهم ان الخلاصة من هذا الكلام هو ان نحاول ان نتخلص من هذا العنف فى المدارس بل والبيوت أيضاً لأننى ارى أمهات وآباء يضربون أبناءهم بقسوة وكانما نزعت من قلوبهم الرحمة …
هل تعرفون كيف افكر عندما يدفعنى الغضب كى انهر طفلاً او اعنفه ؟؟ فقط على سبيل المجاز اتخيل ان هذا الطفل هو كائن محدود التفكير – لا أقول كحيوان أليف – ثم أتذكر مواقفى المشابهة عندما كنت صغيراً وكيف اننى ذات يوم أحرقت وسادة لأننى لم أرى ذات يوم قطناً يحترق , أتذكر عندما ثقبت كوب معدنى لأقلد صانع الكنافة , أتذكر اننى حطمت أشياءاً باهظة الثمن ودمرت أخرى , أتذكر عندما تعمدت أن أسقط ابن خالتى فتسببت له بعدة غرز , الكثير من الأشياء التى فعلتها ولم اتلقى اللوم عليها
وعندما اتذكر تلك المواقف فأننى التمس العذر لأى طفل مهما فعل …
قد التمس العذر لهؤلاء المدرسين الذين عاصرتهم منذ ما يقارب العقدين من الزمان اما الآن فى الالفية الجديدة ومازال موجوداً فلا أجد عذراً ويجب ان يعاقبو عقاباً شديداً لأنهم يتركون آثاراً نفسية مشينة فى نفسية الطفل …
الم يقرأ هؤلاء كلام ابن خلدون منذ ما يقارب الستة قرون ؟؟
( مَنْ كاَنَ مَرْباهُ بالعَسْف والقَهْرِ من المتعلمِينَ، حَمَله علَى الكَذِبِ والخُبثِ، وهُو التظاهُرُ بغيرِ ما في ضميرِه، خوفًا مِنَ انبِساطِ الأيدي بالقَهرِ، وعلَّمَه المكْرَ والخديعةَ لِذلكَ، وصارتْ له هذِه عادةً وخُلقًا وفَسدَتْ معاني الإنْسَانيةِ التي له ، من حيث الاجتماع و التمدن و هي الحَمِيَّةُ والمدافَعة عن نفِسه و منزله صار عِيالاً علَى غيرِه في ذلك بلْ وكَسِلتِ النفسُ عن الفضَائِل و الخُلُقِ الجَمِيلِ .. فينبَغِي للمعلِم في متعلِّمِه والوالِد في ولِده ألا يستبدا عليهما في التأديب …..
ألم يدرسو ما يسمى بعلم نفس الطفل فى كليات التربية والآداب ؟؟
نسأل الله السلامة من هؤلاء المدرسين الجهلاء …
هناك أساليب بديلة لتحفيز الطالب على المذاكرة وهى اساليب سلمية جميلة تحبب الطالب فى العلم وتحسه على الابتكار والتفكير ..
شاهدو هذا المقطع من بعض صور التعذيب فى المدارس :
فيديو جديد بتاريخ 26-5-2011
0 التعليقات:
إرسال تعليق