الأربعاء، 8 يوليو 2009

الاعتياد على الضوضاء


بينما كنت اجلس أمام الكمبيوتر ليلاً أتبحر في العالم اللانهائي الانترنت انقطعت الكهرباء فجأةً ....
شعرت بهدوء فظيع ... شعرت اننى كنت فى جو ملئ بالضوضاء و لكننى اعتدت عليها فكأنها لم تكن موجودة ...
صوت الكمبيوتر , صوت مروحة السقف , مروحة اخرى اضعها على المكتب , صوت الثلاجة العادية , الثلاجة الديب فريزر , صوت التكييف الموضوع فى الدور العلوى , بالاضافة الى اصوات النقر على الكيبورد و الفأرة ......
القيت بنفسى على السرير متأملاً و ما اجمل التامل فى هذا الهدوء .

عندما فكرت فى الامر وجدت انه كان هناك ضوضاء و لكننى لم اشعر بها لانى قد اعتدت عليها . فهل من الممكن ان تكون فى حياتى ضوضاء و اشياء سيئة افعلها و لكننى قد اعتدت عليها فلم اعد اشعر بها ؟

لابد ان اقطع الكهرباء عن ذاتى حتى اشعر بهذه الضوضاء و احاول ان اتخلص منها و لكن كيف يمكننى فعل هذا ؟ كيف يمكننى أن اقطع الكهرباء و ما هى الكهرباء فى هذه الحالة ؟ ما هو الشئ الذى لو زال عنى لتمكنت من معرفة و تمميز هذه الضوضاء التى أحيا فيها ؟
فى النهاية فكرت انه لا نفصل الكهرباء بشكل مفاجى و لكن من الافضل ان نولد تيار عكسى يواجه التيار الاصلى فيلاشيه و يبدده .
انه تيار الحقيقة ... تيار الايمان ... تيار الواجب ... تيار الحب لكل ما هو جميل ... انه التيار الذى قد يغير الانسان و يخرجه من الظلمات الى النور .
اذا نظرت الى التلفاز فوجدت المذيعات غير المحجبات فى البداية كنت استنكر هذا و لكن مع الوقت و التعود على ذلك اصبحت اتقبل الامر و كأنه شئ عادى .
إذا استمعت الى الاغانى فى كل مكان و فى كل وقت فإننى لا إراديا سأعتاد على ذلك حتى يصبح شئ عادى و طبيعى .
إذا رايت احد اصدقائى يدخن سيجارة فاننى فى البداية اطالبه بأن يتوقف عن التدخين و لكن مع مرور الوقت قد اعتاد على هذا .
إن الامر اشبه بالتعود على تعاطى عقار معين و تولد الاعتماد البدني والاعتماد النفسي وظهور الحاجة إلى زيادة الجرعة مع احتياج الجسم بشدة إلى العقار ليصبح في حالته الطبيعية .
ربما اكون مصاباً بإضطرابات نفسية نتيجة الصراع النفسى الداخلى بين الخير المفطور عليه الانسان و الشر الذى يكتسبه الانسان من المجتمع المحيط به , و يدعم ذلك الرغبة في رفع الضغوط النفسية، أو الهروب من الواقع بمشاكله ومسئولياته .
إن المشكلة فى هذا الزمن اخطر و اعمق حيث ان المجتمع لم يعد القرية او المدينة الصغيرة او الدولة التى يعيش فيها الانسان . المجتمع فى ظل ثورة المعلومات قد اصبح اكبر بكثير . و كما يقولون ان العالم اصبح قرية صغيرة .

و من هنا فان الضوضاء التى تحدثت عنها كثيرة و متعددة المصادر و هذا يدفعنى الى زيادة التيار العكسى الذى يؤدى الى تلاشى التيار الاصلى الذى يسبب الضوضاء التى اشعر اننى قد ادمنتها .
و اذا كان عندى الاصرار و التحدى على التخلص من هذا الادمان و مواجهة اعراض انسحاب المخدر من الجسد فسوف اتخلص من هذه الضوضاء الى الابد .
ليكن شعارى فى الفترة القادمة هو شعار المحاربين الاشداء " الصمود و التحدى "


1 التعليقات:

أحمد عطاالله يقول...

تدوينة رائعة و جميلة أحييك عليها يا باشمهندس ياسر و أرجو أن نصل إلى حقيقة أنفسنا و نتخلص من الضوضاء التي ملأتنا ،
أحييك مرة أخرى على التدوينة و قدرتك على توصيل المعلومة .
... انت كويس جدا ...

إرسال تعليق